لهذه الأسباب لا و لن يُحل مشكل السكن في الجزائر



لقد عاش الإنسان على مرّ التاريخ في صراع دائم مع الطبيعة من أجل توفير الضروريات الحياتية لبقائه، فقد بدأ ملتقطا لكل ما يجده في الطبيعة من مأكولات وثمار برية جاهزة ثم إنتقل إلى إستعمال بعض الوسائل والأدوات البسيطة للحصول على أكله في صيد بعض الحيوانات والطيور والأسماك ….. الخ .


لينتقل إلى مرحلة متقدمة بعد ما تمرس وإكتسب الخبرة والتجربة ، فإستقر في المناطق القريبة من السهول ومنابع المياه ، ليزرع ما يحتاجه من غذاء ، وهكذا كلما إزداد تحكما في التأثير على الطبيعة ، كلما أنتج أكثر وكلّما تنوعت وتعددت حاجاته .


ونفس الشيء بالنسبة للمسكن، حيث لجأ الإنسان في البداية للإحتماء من قساوة الطبيعة وشراسة الحيوانات المتوحشة ، بالمغارات والكهوف الجاهزة ، التي يجدها على المرتفعات وفي سفوح الجبال ، إلى أن توصل إلى صناعة هذه البيوت والملاجئ بنفسه ، ثم أخذ يطوّرها مع مر الزمن ، لكن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي لا يكتفي بأن يعيش على النواحي المادية والبيولوجية فقط، ولهذا لم يقتنع بالإكتفاء بالحصول على المواد الطبيعية المادية ، بل إستطاع بفضل تكوينه الراقي المتميز الإستفادة من الإحتكاك المستمر بالطبيعة ليسيطر عليها أكثر. 


وبإستقرار الإنسان وتطور حياته الإجتماعية والحضرية ، تطورت حاجاته، فظهرت الحاجة إلى قيم ومعايير تفرضها الحياة الجماعية للإنسان ، فظهرت بذلك قيم الإحترام والتعاون والتضامن والمساواة والحقوق والواجبات والعدالة والقانون والحريات التي وثقت فيما بعد في مواثيق ودساتير محلية ودولية ، ومن بين هذه المواثيق التصريح العالمي لحقوق الانسان لعام (1948) ، والذي نص على حق الفرد والمواطن في الحصول على مسكن ولذلك أصبح يكسب السكن طابعا خاصا من خلال طبيعة ونوعية الحياة التي تعيشها الأمم خلال تطورها العمراني والحضري ، ففي العالم اليوم كثيرا ما نقلل من دور أهمية قطاع السكن في مختلف النشاطات الإقتصادية، غير أنّه في الواقع العملي يعتبر بحق من القطاعات الحساسة التي تستدعي الإهتمام والعناية وذلك لكونه المحرك الرئيسي للإقتصاد الوطني ، أنّه يمثل الدعامة الأساسية للسير الحسن لجميع القطاعات الأخرى ولو بطريقة غير مباشرة، كقطاع الصناعة، الزراعة ، التشغيل ، فهو بهذا المنظور يعتبر مقياسا لتطور وتقدم الأمم في مجالات مختلفة حيث بمقتضاه تسير باقي القطاعات في نسق منتظم وهادف.


والجزائر على غرار باقي دول العالم، أعطت إهتماما لهذا القطاع من خلال توفير أكبر عدد من السكنات والتجهيزات الجماعية بغية الوصول إلى تلبية الطلبات المتزايدة لمختلف شرائح المجتمع التي تزايدت بفضل التوسع العمراني الذي مدننا بالخصوص، غير أنه وبالموازاة عرفت الجزائر إرتفاعا مستمرا في عدد سكانها والراجع للتقدم الذي أحرزته في الميدان العلاج والمرافق الصحية مما أدى إلى إنخفاض ملموس في عدد الوفيات وإرتفاع محسوس في عدد الولادات، فيما أثر بشكل سيء على المستوى الإقتصادي والإجتماعي وأثقل كاهل الدولة من حيث تلبية الإحتياجات السكنية الحاضرة والمستقبلية من عمل وسلع بصفة عامة، وسكن بصفة خاصة لكونه (المسكن) يشكل إهتمام بالغ الأهمية لكل من القطاع العمومي والمواطن ..


لكن وللأسف ظهرت مشاكل خطيرة تمنع تقدم الجزائر في حل مشكل السكن ، إلا إذا تم القضاء على بعض الظواهر المشينة ، حيث رغم رصد ميزانيات هائلة لتجسيد برامج سكنية كثيرة ، إلا أن أزمة السكن تبدأ بمجرد الانتهاء من ترحيل العائلات المنكوبة ومن هنا يطرح  1000 سؤال عن سر هذه الظاهرة و أشكالها. 

عائلات منكوبة تتواطأ مع أخرى لخلافتها في البنايات الهشة  

هي ظاهرة تواطؤ العديد من العائلات مع أخرى تكون في الغالب بينها علاقة قرابة فيكون آخر يوم لتلك الأسر المرحلة هي بمثابة أول يوم للعائلات الطفيلية التي تخلي المكان مجددا، والهدف من هذا الاحتلال الجديد هو بالطبع الظفر على فرصة جديدة للترحيل. 

سكنات فوضوية تباع بأسعار خيالية 

أن العائلة تشتري تلك السكنات الفوضوية ، تشتري قبلها بطاقة إحصاء، وهي الورقة التي تمكن صاحب المسكن من الظفر بفرصة الحصول على سكن ضمن برامج السكنات الاجتماعية، وعلى هذا الأساس فقد يتعدى سعر تلك البطاقة الـ 40 مليون سنتيم وأكثر، نظرا لأهميتها بل إن بائع السكن الفوضوي يتباهى بحصوله على تلك البطاقة ويعرض منزله للبيع بكل راحة لأنه واثق من حضور الزبون المناسب لأنه في غياب تلك البطاقة يكون المشتري في موقف شك وغموض لأنه في آية لحظة قد يتم هدم منزله من طرف الجهات الوصية بحجة عدم حيازته على ترخيص واستغلال الفرصة لتشييد بناية على أمل الحصول على فرصة للترحيل فيما بعد. 

لجنة الإحصاء الطريق السهل للحصول على سكن

هناك من يملك علاقة صداقة أو قرابة مع أحد أعضاء اللجنة ويمكنه أن يمرر له تاريخ زيارة اللجنة، فيكون هو في الموعد يجلب معه كل أفراد عائلته، فلا يكون أمام أعضاء اللجنة سوى تدوين تلك الأسرة ضمن العائلات التي يحق لها الاستفادة من السكن. 

عائلات تلجأ إلى هدم الجدران والسلالم للحصول على فرصة الترحيل

ظاهرة غريبة تم رصدها ببعض الأحياء القديمة التي استفادت من السكن الاجتماعي لكن بعد ماذا ... حيث أفاد عدد كبير من المواطنين الذين تم ترحيلهم إلى سكنات جديدة أن هناك من لجأ للحيلة لكسب اهتمام السلطات الوصية ، أين أقدموا على هدم جدران سكناتهم وحتى السلالم في تمثيلية محكمة مكنتهم من الحصول على موافقة الجهات المكلفة بالإحصاء وتم ترحيلهم إلى سكنات جديدة ، و حريق باب الواد مثال حي على ذلك. 


سكنات عدل مجال للبزنسة و مصدر للثراء
سكنات عدل استفاد منها  ميسوري الحال ، والدليل أنه بمجرد حصول أصحاب العقود على مفاتيح الشقق تنطلق عملية البحث عن مستأجرين رغم أن القانون يمنع ذلك لأن تلك السكنات في حكم الرهن لغاية استكمال سعرها ، والغريب في ذلك أن هؤلاء المحظوظين صاروا يستعينون ببعض حراس العمارات لإنجاح صفقات الكراء وحتى البيع ، سكنات لعدة شقق تبفى مغلقة لأن أصحابها إما في الخارج، وإما أنهم لا يقطنون أصلا بالولاية ، وهناك من يملك سكنا آخر. 

إجراءات لمنع استغلال البنايات الهشة وقطع الطريق أمام البزناسية

أكدت مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري أن هناك عمل جبار يجسد في السنوات الأخيرة للقضاء على كل النقاط السوداء التي تم تسجيلها فيما مضى ، بداية بإنشاء البطاقية الوطنية التي يمكنها من كشف المستفيد من شقتين ، إلى جانب إجراءات احترازية لمنع الطفيليين من شغل تلك السكنات الهشة التي رحل أصحابها ، وعلى هذا الأساس سيتم إما هدم السكنات الهشة أو على الأقل غلق كل المنافذ المؤدية إلى داخل البناية، لمنع تسلل الغرباء سواء كانوا من العائلات الطفيلية أو حتى المنحرفين الذين يستغلون تلك الفضاءات



























إرسال تعليق

 
Top